بقلم عمار عبد العزيز قهوجي
العراب كما هو معروف هو الأب الروحي أو الوصي أو الكفيل وقد تعني الشخص المنشيء لحركة فنية إبداعية او فكرية كأن نقول مثلاً)عراب الفن).
أما في المافيا مثلاً فهذه الكلمة تعني الرجل القوي جدا فالأب الروحي للمافيا هو الأكثر قوة في مجموعة المافيا، ومن هنا سنبدأ المشوار.
من منا لم يسمع يوماً بفيلم العراب لمخرجه فرانسيس كوبولا وبطولة الكبار مارلون براندو وال باتشينو.
لقد صُنّف الفيلم الذي اصدر عام ١٩٧٢ في المركز الثاني كأعظم فيلم في السينما الامريكية وربح ثلاث جوائز أوسكار.. ولمن لم يشاهد الفيلم هو من نوع أفلام الجريمة يعرض قصة ال كورليوني احدى اقوى عائلات المافيا الايطالية في نيويورك والمتورطة باعمال اجرامية كالقمار والبغاء والسلاح كما ارتبط زعيمها بعلاقات مع شخصيات سياسية لينال نفوذ قوي.
في رحلة من امريكا الى سوريا ومن عام ١٩٧٢ الى عام ٢٠١٥ سافر العراب ليكون عنوانا لمسلسلين سوريين احدهما من اخراج حاتم علي والاخر من اخراج المثنى صبح.
عندما تم الاعلان عن المسلسلين نالا قبل عرضهما مايكفي من الانتقاد على اعتبار أنه هل من المعقول أن الدراما العربية عامة والسورية خاصة قد افتقرت لأي قصة من مجتمعنا حتى ذهبت لتقتبس من فيلم العراب.
لكن ما ان عرض المسلسلين حتى نسي الجميع ذلك الانتقاد بعد أن تأكدوا بأن ما أخذ من الفيلم لكلا المسلسلين هو مجرد البداية فقط ثم انطلق كل منهما في فضاءه الخاص مما جعلهما متميزين.
وبما أن المسلسلين لم يعتمدا على نفس حبكة الفيلم الأجنبي بل بنيا على سيناريوهات مختلفة فقد استحوذ عرّاب “حاتم علي” على كل الثناء بعدة نقاط قوة حسب رأي النقاد.
اذ استطاع بجزأيه(نادي الشرق) و(تحت الحزام) ان يحافظ على روح المافيا بالرغم من التغييرات الجذرية في البنية الاساسية للقصة الاصلية.
لقد حقق مسلسله نجاحاً كبيراً وهو يناقش مسألة الصراع على السلطة والنفوذ والثروة.
أما نقطة الذكاء الأخرى التي تحسب لحاتم هو لجوءه لعنوانين(نادي الشرق) و(تحت الحزام) لجزأي مسلسله مع الاحتفاظ بالاسم الاساسي “العراب” حتى يشكل فارقاً ما بين عمله وأي عمل آخر. كما تميز عمله بضخامة الانتاج حد الدهشة وهذا ما أعطى المسلسل مصداقية عندما تحدث عن الثروة لدى ابطال المسلسل.
أدى الفنان جمال سليمان(العراب الأب) وشركاؤه في العمل باسل خياط وباسم ياخور ومنى واصف ودانا مارديني وامل بوشوشة أدوارهم بحرفية عالية كما عهدناهم.
كتب السيناريو للجزء الاول “رافي وهبة” واكمل كل من “خالد خليفة وأحمد قصار” الجزء الثاني.
أما العرّاب الثاني من إخراج الصديق المثنى صبح فبالرغم من موهبته المتميزة في أعماله السابقة مثل مسلسل ” ليس سراباً” ومسلسل على حافة الهاوية فقد ارتكب مجموعة أخطاء غير مبررة ولا تغتفر أساءت للعمل واهمها هو اعطاء أحد أدوار البطولة للمطرب عاصي الحلاني الى جانب سلوم حداد.
فكما أثبت الفنان الرائع عاصي الحلاني موهبته المميزة بالغناء أثبت كذلك فشلاً ذريعاً بالتثميل بأدائه الضعيف جداً وبعد انتقاد الكثيرين كان رده على النقد للأسف باللامبالاة والتعجرف.
أما سلوم حداد فكما عهدناه ممثل من الدرجة الاولى لكن ما اضعف اداءه هو محاولة تقليد مارلون براندو فظهر كمن يلبس ملابس غيره.
تختلف قصة المثنى صبح عن قصة حاتم بالتفاصيل فهنا تدور الاحداث حول مختار المختار(العراب – سلوم حداد) الذي بنى امبراطورية مالية عملاقة بطرق غامضة تتقاطع مع العداوة بين عائلته وعائلة الافندي التي سبق وقتلت وابادت جزء من عائلته.
حاز عرّاب حاتم علي على نسبة مشاهدة عالية جداً جداً مقارنة مع عراب المثنى صبح. ولو كانت المساحة متاحة أكثر لكتبت بشكل أوضح وبالتفصيل عن كلا المسلسلين ولكن ساترك لكم كمشاهدين مساحة لمتابعة العملين حتى لا نحرق التفاصيل وربما كان لكم نظرة مغايرة لنظرتي.