سيتعرض رئيس الوزراء، جاستن ترودو لضغوط لجعل أجندته الاقتصادية ذات ميول يسارية وبتكلفة أعلى، تزامنا مع بدء فترة ولايته الثالثة دون أغلبية في البرلمان الكندي.
فاز ترودو في انتخابات يوم الاثنين الماضي، من خلال وعده للناخبين بأنه سيجعل المنازل ورعاية الأطفال في متناول الجميع، وجمع الأموال للبرامج عن طريق استهداف البنوك بضرائب جديدة بالمليارات.
سترغب الأحزاب الصغيرة، التي تحتاج حكومته إلى أصواتها لتمرير القوانين، إلى التأكد من وفائه بوعوده. وحذر منتقدو “ترودو” في أروقة الصناعة الكندية بالفعل من الإنفاق الجامح، حيث قال الاقتصادي ديفيد روزنبرغ إن فوزه يضع رأسماليي السوق الحرة “في منطقة الجزاء”.
و فيما يلي القرارات الاقتصادية الرئيسية التي سيتعين على حكومة الأقلية الليبرالية المعاد انتخابها اتخاذها في المدى القريب:المسار الماليحصل “ترودو” بالفعل على الموافقة على ميزانية الإنفاق الضخم هذا العام والتي تضمنت 140 مليار دولار كندي (109 مليار دولار) في إجراءات إضافية على مدى السنوات الخمس المقبلة. وسجلت البلاد بالفعل عجزاً قياسياً بلغ أكثر من 300 مليار دولار كندي في السنة المالية المنتهية في 31 مارس بسبب برامج دعم كوفيد 19.
تكمن المخاطر الآن في أن الإنفاق سيرتفع بشكل أكبر، حيث تضمنت المنصة الليبرالية 78 مليار دولار كندي في وعود الحملة الجديدة. بدون أغلبية في مجلس العموم، ستحتاج الحكومة إلى استرضاء الحزب الديمقراطي الجديد، الذي لديه قائمة طويلة من المطالب بإنفاق اجتماعي جديد، أو “كتلة كيبيك”، التي تريد المزيد من التحويلات من الحكومة الفيدرالية لكيبيك. وما يساعد هذا المنظور هو الصورة الأفضل للإيرادات مما كان متوقعاً في أبريل.
يجب أن تقدم وزيرة المالية كريستيا فريلاند نوعاً من التحديث المالي في نوفمبر أو ديسمبر، ثم تصدر ميزانية جديدة في بداية العام المقبل. ولتهدئة المخاوف بشأن الديون، سيستمر الليبراليون في الوعد بالحفاظ على انخفاض نسبة ديون الدولة إلى الناتج المحلي الإجمالي بمرور الوقت، لكن سجل “ترودو” في تحقيق الأهداف المالية ليس جيداً.
هدف التضخمتتمثل إحدى المهام الرئيسية بعد الانتخابات في تجديد تفويض بنك كندا بشأن التضخم لخمس سنوات والذي ينتهي هذا العام.
سيحتاج البنك المركزي والحكومة الفيدرالية إلى التوقيع في وقت مبكر من الشهر المقبل على أي تغييرات على هدف 2% في التفويض الحالي.
مع انتقال الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى استهداف متوسط التضخم العام الماضي، ما سمح له بتجاوز 2%، فقد تتعرض كندا لبعض الضغوطات للقيام بالمثل.
وبالفعل، ارتفع التضخم الكندي أعلى من السقف الذي حدده البنك والبالغ 3% لخمسة أشهر متتالية.
في وقت مبكر من الحملة التي استمرت خمسة أسابيع، قال “ترودو” إن الأمر لم يكن أولوية لهذه الحكومة.
لكنه سيكون واحداً من الأشياء الأولى على مكتب “فريلاند”.
الضرائب واللوائحتعهد الليبراليون بمراقبة العجز إلى حد ما من خلال زيادة الضرائب، حيث وعدوا ومعهم حليفهم الطبيعي، الحزب الوطني الديمقراطي، بفرض ضرائب أعلى على الشركات.
وكان من بين تعهدات “ترودو” رفع الرسوم المدفوعة على أرباح البنوك التي تزيد عن مليار دولار كندي بمقدار 3 نقاط مئوية، كما سيتم فرض رسوم جديدة على عمالقة التكنولوجيا.
ويريد الحزب الوطني الديمقراطي رفع معدلات الضرائب على دخل الشركات ومكاسب رأس المال، وعلى الأفراد الأثرياء أيضاً.
ومن الصعب أن رؤية قيام الأعمال التجارية بدفع حصة أكبر في الميزانية التالية.
تشمل المبادرات الأخرى المتوقع طرحها سريعاً لوائح جديدة تُلزم خدمات البث ومنصات التواصل الاجتماعي مثل “نتفلكس” و”تيك توك” بتمويل المحتوى الكندي والترويج له.
وقدم “ترودو” مشروع قانون لتنظيم القطاع في البرلمان السابق لكنه فشل في اجتياز مجلس الشيوخ قبل انطلاق الانتخابات.
ويأتي ضمن القائمة صفقة استحواذ شركة “روجرز كوميونيكيشنز” (Rogers Communications) على منافستها الأصغر “شاو كوميونيكيشنز” (Shaw Communications) بقيمة 16 مليار دولار، وهي صفقة مثيرة للجدل لأنها ستُخرج منافساً من سوق الاتصالات اللاسلكية، وستخضع الصفقة لمراجعة مطولة لمكافحة الاحتكار وسينتهي بها المطاف في مكتب الحكومة لاتخاذ قرار في النصف الأول من عام 2022.
سياسة الإسكانأخيراً، هناك محاولة مستمرة من جانب الحكومة لكبح جماح أسعار المنازل الجامحة في كندا، حيث استندت حملة “ترودو” على مجموعة من المبادرات المصممة لتسهيل دخول المشترين لأول مرة إلى سوق الإسكان، من برنامج قروض جديد، إلى ائتمانات ضريبية، إلى تخفيض تكاليف تأمين الرهن العقاري.
صحيح أن كل هذه الأفكار قد تساعد بعض الأشخاص، لكن قد لا يمر وقت طويل قبل أن تنعكس فقط في الأسعار المرتفعة، حيث يستخدم الأشخاص الأموال الإضافية لتقديم عروض أسعار أكبر.
من غير المتوقع أن يكون لسياسات الحد من الطلب، مثل فرض حظر لمدة عامين على شراء المنازل باستخدام الأموال الأجنبية، أو فرض ضريبة طويلة الأجل على ملكية المنازل على الأجانب الذين لا يعيشون في البلاد، تأثيراً كبيراً.
بالكاد يرى أي شخص أن غير الكنديين لعبوا دوراً كبيراً في ارتفاع الأسعار العام الماضي، نظراً إلى أن الحدود كانت مقيدة بسبب الوباء.
تكمن المشكلة الحقيقية في نقص العرض. ووعد الليبراليون بتقديم 4 مليار دولار كندي كتمويل للمدن للمساعدة في بناء منازل جديدة، ولكن فقط إذا عالجوا العقبات التي تعترض البناء، مثل القواعد التقييدية لاستخدام الأراضي.