يشارف عام 2022 على النهاية وقد حمل معه أحداثاً استثنائية ستظل في ذاكرة من عايشها وسيذكرها التاريخ للأجيال.
نلقي الضوء فيما يلي على أهم وأبرز ثلاثة أحداث جرت خلال العام.
الحرب الروسية على أوكرانيا
في 24 من فبراير/شباط 2022، أطلق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين العنان للحرب على أوكرانيا المجاورة التي تسعى إلى الانضمام إلى حلف الناتو، بذريعة أن خطط الأخيرة تشكل تهديداً مستمراً على أمن روسيا التي “لا تستطيع أن تشعر بالأمان والتطور والوجود” حسب قول الزعيم الروسي فلاديمير بوتين.
كان الهدف الأولي للزعيم الروسي هو اجتياح أوكرانيا والإطاحة بحكومتها الشرعية وبالتالي القضاء على أي إحتمال لانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي “الناتو”.
وقال بوتين للشعب الروسي إن هدفه هو “نزع السلاح من أوكرانيا واجتثاث النازية منها”، لحماية أولئك الذين تعرضوا لما وصفه بـ 8 سنوات من التنمر والإبادة الجماعية من قبل الحكومة الأوكرانية.
إلا أن هدف روسيا تغير لاحقاً بعد أن أيقنت أن الإطاحة بحكومة الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي أقرب إلى المستحيل من الناحية العسكرية، وباتت تكتفي الآن بحيادها.
تكبد الطرفان خسائر مالية وبشرية وعسكرية كبيرةخلال 10 أشهر من الحرب وتعرضت العديد من المدن الأوكرانية لدمار واسع ونزح ملايين الأوكرانيين إلى أوروبا، ولا تلوح في الأفق أي بوادر على قرب نهاية هذه الحرب.
لكن هذه الحرب ليست مجرد شأن إقليمي يدور بين بلدين مجاورين، بل امتد تأثيرها إلى معظم دول أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا لما لها من تداعيات اقتصادية كبيرة على هذه البلدان، مسببة أزمة اقتصادية كبيرة بسبب توقف صادرات روسيا وأوكرانيا من إمدادات الطاقة والوقود والمواد الغذائية اللتين كانتا تزودان العالم بها.
تحتل روسيا وأوكرانيا مركزا هاما في سوق المنتجات الزراعية في العالم، وتمثل صادراتهما من القمح 23 في المئة من السوق العالمية، في حين توردان ربع إنتاج الحبوب في العالم. وتُصدر الغالبية العظمى من صادرات أوكرانيا من الحبوب عبر البحر الأسود.
ارتفعت أسعار الطاقة والوقود في الدول التي كانت تعتمد على صادرات هاتين الدولتين، وتراجع مستوى معيشة سكان هذه الدول التي لا تزال تعاني من نقص في المنتجات وغلاء في الأسعار وارتفاع في أسعار الوقود.
ولا شك أن الدول الفقيرة هي الأكثر تضرراً من نقص الإمدادات من المواد الغذائية من غيرها، إذ تراجعت إمدادات القمح والذرة بشدة نتيجة الحرب بعد أن فرضت روسيا حصاراً بحرياً على أوكرانيا وأغلقت موانئها.
وقد تم التوصل في شهر يوليو/تموز إلى اتفاق برعاية الأمم المتحدة لتصدير الحبوب الأكرانية عبر ميناء أوديسا الأوكراني.
وتأثر 35 بلداً أفريقياً من أصل 55، بسبب إعتمادها على صادرات القمح والحبوب الأخرى من روسيا وأوكرانيا، كما أن 22 دولة تستورد الأسمدة من البلدين.
وبلا شك أن الأزمة الإنسانية وتفاقمها في أوروبا بسبب نزوح ملايين الأوكرانيين هي الأكبر على الإطلاق في تاريخ أوروبا الحديث.
احتجاجات إيران/مهسا أميني
لم تتوقع السلطات الإيرانية أن يؤدي مقتل الشابة الكردية، مهسا أميني في سبتمبر/أيلول من هذا العام، أثناء احتجازها من قبل شرطة “الأخلاق” في طهران، إلى غضب الإيرانيين ونشوب احتجاجات في جميع مدن البلاد خلال أيام فقط من انتشار خبر وفاة أميني.
كانت مهسا أميني التي تنحدر من مدينة سنندج، في زيارة إلى طهران مع شقيقها، عندما صادفتها “شرطة الأخلاق” وطلبت منها تغطية شعرها بالكامل دون إظهار أي خصلة. حدثت مشادة كلامية قصيرة لتنتهي بسحبها من قبل الشرطة وضربها في الشارع واعتقالها، وتوفيت الشابة بعد ثلاثة أيام في مركز الاحتجاز.
أثار موتها الذي بدأ بسبب خصلة شعر، غضب السكان في سنندج، الذين خرجوا في مظاهرات للاحتجاج على ما تعرضت له الشابة الكردية وعلى السياسات القمعية للحكومة لتصل شرارة غضبهم إلى باقي مدن إيران.
أشعل موتها ظاهرة خروج النساء والشابات في مقدمة المظاهرات، وبعضهن بدأن بقص شعرهن تعبيراً عن الغضب والرفض والتضامن مع مهسا أميني.
اعتقلت السلطات مئات المشاركين في المظاهرات، قتلت العشرات بالرصاص الحي وأعدمت البعض، ولا يزال هناك الكثيرون خلف القضبان ينتظرون في طابور الموت.
تأتي أهمية هذه الاحتجاجات من كونها كسرت حاجز الخوف لدى الناس من السلطات ونشرت شعار “المرأة، الحياة، الحرية” التي تختصر أهداف المحتجين وهي أنهم لن يستسلموا وسيواصلون مطالبتهم بالحريةعلى الرغم من اتباع إيران لسياسة التخويف والترهيب وخاصة بعد أن أعدمت اثنين من المتظاهرين بسبب مشاركاتهما في الاحتجاجات.
مونديال قطر المثير للجدل
هذه هي الدورة الأولى من بطولة كأس العالم التي تُقام في دولة مسلمة في الشرق الأوسط، مما جعلها محاطة بالكثير من الجدل حول عدد من القضايا منذ الإعلان عن استضافة الدوحة للبطولة.
في عام 2010، تفوقت قطر على كوريا الجنوبية، واليابان، وأستراليا، والولايات المتحدة، وقبلت الفيفا طلب الدوحة لتنظيم البطولة. لكن ذلك جاء وسط مزاعم فساد شابت عملية الاختيار، والتي تنفيها قطر منذ ذلك الحين.
من أبرز القضايا، وفاة 6500 من العمالة الأجنبية أثناء بناء وتجهيز الملاعب والمرافق الرياضية في قطر استعدادا للبطولة بحسب تقرير لصحيفة غارديان البريطانية، حيث حصلت على هذه الأرقام من سفارات الدول التي ينتمي إليها العمال في قطر.
وهناك أيضا أزمة مجتمع الميم، التي سيطرت على صفحات العديد من الصحف خلال فترة المباريات، لأن قوانين قطر تعتمد على الشريعة الإسلامية التي تحرم المثلية الجنسية.
ومنعت المشروبات الكحولية باستثناء بعض الأماكن التي تم تخصيصها لبيع الكحول لجماهير كرة القدم على الرغم من الحظر.
سيب بلاتر، الرئيس السابق للفيفا والرجل الذي أعلن عن منح البطولة لقطر في 2010، قال إن القرار كان “خطأ”.
لكن في اليوم السابق للبطولة، اتهم رئيس الفيفا جياني إنفانتينو الغرب بـ “النفاق” فيما بتعلق بسجل قطر في مجال حقوق الإنسان، وتحدث لمدة ساعة تقريباً دفاعاً عن قطر والبطولة.
أما من حيث المفاجآت والاحتفالات، فقد حققت السعودية مفاجأة من العيار الثقيل بفوزها على المنتخب الأرجنتيني.
احتفى السعوديون والعرب بهذا الانتصار التاريخي، وأعلن ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز ، اليوم التالي للمباراة عطلة رسمية في البلاد بعد أن فاز المنتخب السعودي بهدفين مقابل هدف وحيد للأرجنتين، في مباراته الأولى في البطولة.
وجاءت الفرحة الكبرى عندما فاز أسود الأطلس المغربي على المنتخب البرتغالي، بنتيجة هدف لصفر، في ربع النهائي، وكتبوا بذلك صفحة جديدة في تاريخ الكرة الأفريقية.
انتهت آمال المغرب في أن يصبح أول بلد إفريقي يصل إلى نهائي كأس العالم بعد خسارة فريقه 2-0 أمام فرنسا. لكن وصوله إلى الربع النهائي بحد ذاته إنجاز في تاريخ أفريقيا سيذكره التاريخ لأجيال رغم خسارته في المباراة على المركز الثالث أمام كروايتا بهدفين لهدف.
المصدر: بي بي سي عربية