بدأ قطاع الفنادق في الإمارات العربية المتحدة عموماً، وفي إمارة دبي خصوصاً، يشهد تزايداً في وتيرة الحجوزات مع اقتراب مونديال 2022 في قطر (ينطلق يوم 20 تشرين الثاني/ نوفمبر ويختتم يوم 18 كانون الأول/ ديسمبر). ويترافق تزايد الحجوزات مع ارتفاع في أسعار الغرف. فالطاقة الاستيعابية للقطاع الفندقي في قطر لن تكفي لاستقبال أعداد المشجعين الكبيرة خلال البطولة العالمية، وبالتالي تشكل دبي الوجهة الأفضل لأعداد كبيرة من المشجعين من حاملي تذاكر المباريات للإقامة والسفر إلى الدوحة لحضور المباريات ومن ثم العودة إلى دبي.
فكيف هو الوضع حالياً بالنسبة إلى الفنادق وحركة المطار في الإمارات، وتحديداً في دبي، استعداداً للحدث الرياضي العالمي، وكيف سينعكس الأمر على قطاع السياحة، وهل سيؤثر ذلك في ارتفاع الأسعار في القطاعات الأخرى؟
يقول المحلل والخبير الاقتصادي الإماراتي نايل الجوابرة في حديث إلى “النهار العربي” إنّ “دبي هي الوجهة الأقرب إلى قطر، وبما أن الإمارات تتمتع ببنية تحتية ممتازة سيساهم ذلك في انتعاش الموسم السياحي خلال تلك الفترة، لأن عدداً كبيراً من المشجعين سيمكثون في الإمارات لفترة قبل ذهابهم إلى قطر التي لا تستوعب فنادقها 1.4 مليون زائر خلال الحدث العالمي، وللصدفة أيضاً أنه في تلك الفترة تبدأ في دبي فعاليات ثقافية وفنية وترفيهية كثيرة (منذ أول تشرين الأول/أكتوبر)”.
ويضيف الجوابرة: “لن يشهد القطاع السياحي، وتحديداً الفندقي،وحده، انتعاشاً كبيراً، إنما أيضاً قطاع الرحلات الجوية ومطار دبي، ووفق الأرقام الموجودة لدينا، هناك أربعون رحلة يومياً بين دبي والدوحة من أصل تسعين رحلة إلى قطر (من كل الدول إلى قطر)، وقد أعلنت “فلاي دبي” أخيراً أن هناك ستين رحلة على مدار الساعة إلى الدوحة”.
وفي بيان رسمي على موقعه الإلكتروني، أعلن مطار دبي جاهزيته التامة لتسهيل عبور مشجعي كرة القدم الذين سيتوجهون عبر دبي لحضور المونديال.
وقال الرئيس التنفيذي لمطارات دبي بول غريفيث إن “نهائيات كأس العالم تقام للمرة الأولى في العالم العربي والشرق الأوسط، ونقوم حالياً بوضع إجراءات للسفر من شأنها جعل التنقل بين البلدين أسهل بكثير”.
وأضاف: “سيتم التسجيل عبر الإنترنت، ما سيسمح للمشجعين بالدخول والخروج بسرعة كبيرة وتجنب الإجراءات المعتادة في مطار دبي الدولي”، متوقعاً عدداً كبيراً من الرحلات الجوية عبر المطار يومياً خلال كأس العالم لنقل المشجعين من الدوحة وإليها.
أسعار الشقق الفندقية تقفز
وفي سياق موضوع الحجوزات الفندقية يقول سامي بركات وهو المدير التنفيذي لمجموعة “بلو بيرد” للشقق الفندقية في مناطق المارينا وأبراج شاطئ جميرا والبرشاء (شرق دبي) لـ”النهار العربي” إنّ “المشجعين يفضلون البقاء في دبي والسفر إلى قطر لمشاهدة المباريات لأنها تبعد 30 دقيقة فقط بالطائرة وبالتالي يستفيدون من النشاطات الترفيهية المتوافرة في دبي خلال موسم السياحي الذي يبدأ في اكتوبر في الإمارات”.
ويضيف بركات: “أسعار البيوت المفروشة تشهد ارتفاعاً متواصلاً مع نمو الطلب عليها، ويتوقع أن يصل معدل الإشغال إلى 100%، فمثلاً غرفة مع حمام مستقل في منطقة المارينا كانت بين الـ3 و4 آلاف درهم شهرياً (أي ما يعدل 1100 دولار أميركي)، اليوم لا غرفة بتلك المواصفات أقل من 5 آلاف درهم (نحو 1365 دولاراً أميركياً).
السؤال الأبرز هنا: هل فنادق دبي فقط هي التي سيطالها الإقبال الكثيف أم هناك حجوزات في الفنادق في الإمارات الأخرى كأبو ظبي والشارقة؟
صاحب مجموعة فنادق “ريد كاستل” في الشارقة وفي شمال دبي (منذ عام 2001) سركان مارديان يوضح لـ”النهار العربي” أن “أكثر الفنادق التي تشهد إقبالاً وفيراً، بخاصة في مواسم ترفيهية مثل كأس العالم، هي الفنادق المتوسطة، لأنها تناسب كل الموازنات، بخاصة في ظل الظروف الاقتصادية العالمية، حتى أن بطاقات الحضور لكأس العالم بيع منها 2.45 مليونا بطاقة، وهناك 500 ألف بطاقة ما زالت متاحة ما معناه أنه لم تبع كل البطاقات، وهذا دليل على أنّ الظروف الاقتصادية العالمية تلعب دوراً”.
ويضيف مارديان: “لدي فرع في الشارقة وفرعان في دبي، الحجوزات حتى الساعة جيدة، طبعاً في دبي الحجوزات أعلى، لكنْ هناك أشخاص يبحثون عن التوفير ويفضلون المكوث في الشارقة، لأن الأسعار هناك عامة من فنادق ومطاعم وحتى التاكسي أرخص من دبي، كما أن الشارقة قريبة جداً من مطار دبي ولا تبعد أكثر من 15 دقيقة في التاكسي، وهناك طيران “العربي” الذي يطير من الشارقة إلى الدوحة بسعر تنافسي نوعاً ما، هنا الزبون يحتسبها بالشكل الصحيح، لأن تسعيرة الغرفة في الليلة الواحدة في الشارقة مع الضريبة تراوح بين 30 و40 دولاراً (وفق نوعية الغرفة)، وهذا السعر من الصعب الحصول عليه في دبي ضمن فندق مصنف 3 نجوم كفندقنا”.
ويلفت إلى أن “الأسعار في أبو ظبي مرتفعة مثل دبي، فمن يبحث عن التوفير لحضور كأس العالم سيختار الشارقة وفنادقها ولكن دعونا نكون واقعيين، مهما كانت العروضات والتوفيرات لا أحد ينافس دبي لأن معظم الزوار يفضلونها على أي إمارة أخرى وتبقى هي المقصد الأول للسياح”.
أسعار بطاقات السفر من دبي إلى قطر
أظهرت بيانات لمواقع إلكترونية متخصصة في حجوزات الطيران، ارتفاعاً غير مسبوق في أسعار التذاكر يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من 4 أضعاف خلال بداية موسم مباريات كأس العالم في قطر، مقارنة بالأسعار الحالية لتذاكر الطيران، ووصل متوسط سعر تذكرة السفر من الإمارات إلى الدوحة إلى أكثر من 7000 درهم في بعض الأحيان، وتتباين الأسعار بحسب حجم الطلب الذي يختلف من شركة طيران إلى أخرى ومن وقت إلى آخر، وحتى من مطار إلى آخر.
وفي هذا السياق، يقول الخبير السياحي محمد الطعاني لـ”النهار العربي” إن “ثلاث شركات طيران إماراتية، هي الاتحاد للطيران والعربية للطيران وفلاي دبي تسير رحلاتها بين الإمارات والدوحة”.
ويضيف أن “الحجز في رحلات الطيران من الإمارات إلى قطر وصل خلال أوقات محددة إلى 100 في المئة، لا سيما خلال فترة المباريات المهمة، الأمر الذي دفع بعض الأشخاص إلى حجز رحلات غير مباشرة للوصول إلى الدوحة بهدف ضمان مشاهدة مبارياتهم المفضلة”.